الصفحة الأساسية > AMAZIGHITE > AMAZIGHITÉ à BAGHDAD (Texte de la communication de B. Tazaghart)

AMAZIGHITÉ à BAGHDAD (Texte de la communication de B. Tazaghart)

الاثنين 5 تموز (يوليو) 2010

مؤتمر بغداد الدولي الأول للترجمة من 29 جوان الي 01 جويلية 2010

إبراهيم تزاغارت

شاعرٌ و مترجمٌ

من الجزائر

أزول فلاون. صباح الخير

كان حلما أن أقدم محاضرة حول اللغة الأمازيغية في مدينة من مدن المشرق. كنت أراه حلما بعيد المنال. فدعوتكم جاءت لتفتح لي الأبواب كبيرةً لدخول المشرق عبر أعظم و أعرق عواصمه و هي بغداد الماضي و الحاضر و المستقبل المشرق.

شكرا للصديق الشاعر منعم الفقير، شكرا لدار المأمون للترجمة و النشر، شكرا لدائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة، شكرا لوزارة الثقافة علي الكرم و حسن الاستقبال.

كنا قبل اليوم نخاطب الغرب وحده في مسائل تعنينا قبل الآخرين، و ها نحن في بغداد الحضارة نفتح الحوار في الشرق و مع الشرق لنتناول مسألة التعدد اللغوي و كيفية تسييرها عبر تجربة شخصية لشاعر.

فأنا شاعرٌ و مترجمٌ لأشعارٍ أعجبتني و أحببتُها. ولستُ مختصًا في نظرياتِ الترجمةِ.

بهذه الصفةِ جئتُ أمامَكم اليوم لسردِ تجريبتى المتواضعةِ في هذا المجالِ. أريدُ أيضا أنْ أعرّفَكُمْ بالأسبابِ العميقة الّتي دفعتني إلى هذه المغامرةِ الأدبيةِ و الأهدافِ المنتظرةِ منها.
فأنا أنحدرُ مِنْ شعبٍ قديمٍ قِدَمَ الإنسانِ على وجهِ هذه الأرضِ الْمِضْيَافَةِ التي أعطتْ أبناءَها كلَّ ما يرجوه الإنسانُ. شعبٌ يُسَمَّى الأمازيغ- اسْمٌ يعني الرّجالِ الأحرارَ- الّذينَ سَكَنُوا أرضاً شاسعة ً تمتَدُّ من واحات سوئ بمصرَ إلى جزرِ الكناري بالمحيطِ الأطلسيِّ . مَوْقِعٌ بينَ الشّرقِ و الغربِ، بين الْمَدِّ و الجزر،ِ دفعوا بسببه بحريّتِهم و أمانيهِم...
فعـَدَا الاستعمالَ اليوميَّ المحدودَ لحروفِ – الـتّـفـناغ - أى الحروف الأمازيغية- لم يستعملْ شعبي لغتَهُ لإنتاجٍ فكريٍ مُدوَّنٍ و مكتوبٍ، أو إن أردنا القول، لإنتاج فكر مؤسس.

إنَّ معظم نُخَبَهُ الأدبيَّةَ و الفكريَّةَ و السياسية استعملتْ أساسا و عبر الأزمنة، لغاتٍ الآخرين، كالقديس أوغسطين، صاحب رواية الحمار الدهبى أبوليوس، الرّوائي كاتب ياسين، إضافة إلى آخرين كالطاهر جاعوت.

تُستعملُ اليومَ في الجزائرِ ثلاثُ لغاتٍ هي : الأمازيغية ، العربية و الفرنسية. .تُعتبر الأولى والثانية وطنيتيْن و الثالثة لغة أجنبية.

إنْ كان للفرنسيةِ حضورٌ في الإدارةِ و الاقتصادِ و مجالاتٍ أخرى كالإعلام،. و إنْ استرجعتِ اللغةُ العربيةُ مكانتَها كلغةٍ وطنيةٍ و رسميةٍ بعد الاستقلالِ سنة 1962 بعد أكبر حرب تحريرية عرفها العالم، فالأمازيغيةُ مرّتْ، في ظلِّ نظامِ الحزبِ الواحدِ ، بظروفٍ صعبةٍ للغاية، قبل أنْ تتكفَّلَ بها الدّولةُ، تدريجيًا، في السّنواتِ الأخيرةِ

فبعدَ مرورِ 30 سنة عن انتفاضةِ الرّبيعِ الأمازيغيِّ في20 أفريل 1980 التي طَرحتْ بقوَّةٍ مسالةَ الْهُوِيَّةِ الوطنية في إطار مطلبِ الحريّاتِ الدّيمقراطيةِ و حقوقَ الإنسانِ، أُدرجتِ الأمازيغيةُ كلغةٍ وطنيةٍ في التّعديلِ الدُّستوريِّ لسنةِ 2002 ، كما دخلتِ الْمنظومةَ الجامعيةَ منذ 1990 بإنشاء معاهد اللغة و الثقافة الأمازيغية و هي اليومَ تُدَرَّسُ في المدارسِ و المتوسّطاتِ والثانوياتِ خاصّةً في المناطقِ الناطقةِ بالأمازيغيةِ على رأسها منطقة القبائل، لأوراس، منطقة ميزاب ، الشنوى، و التّوارق .

إنَّ المدرسةَ أنتجتْ مند التحول إلى المنهج الديمقراطي سنة 1988 قراءً و كتاباً مَكَّنوا المجتمعَ- المتكلم منه بالامازيغية- من الانتقالِ من مرحلةِ التّواصلِ المُقتصرِ على الشفويّةِ إلى عالمِ الكتابةِ و التّدوينِ.

فالكتابةُ فتحتْ لنا أبوابَ النّشرِ الذي بدورِهِ مَكّنَنَا منَ الخوضِ في التّرجمةِ و اكتشافِ الْغَيْرِ والتّواصلِ معه بذكاء في ضل المنفعة المتبادلة و الاحتكاك المثمر.

تَجَارِبٌ عديدةٌ نَجَحَتْ في هذا الميدانِ أهَمُّها أعمال الشاعرِ و المسرحيِّ الكبيرِ مُحَنْد أويَحيَ المدعو -موحي- الذي تَرجمَ واقتبسَ إلى اللغةِ الأمازيغيةِ أعمالَ صامويل بيكت، برتولد بريخت ، موليير وغيرهم من المبدعين الكبار. كما تم نشر ترجمة معاني القرآن الكريم التي أنجزها الدكتور كمال نايت زراد. بدون أن ننسى الترجمات من الأمازيغية إلى العرابية التي يقوم بها الدكتور امحمد جلاوى.

إنَّ تهميشَ اللغاتِ و حرمانَها من حقوقِها المؤسساتيَّةِ في التّطورِ يُعَدُّ أحد ركائز الأنظمةِ الشموليةِ المبنية على الاستحواذ و الإقصاء. فهدا الإقصاء اللغوي - الركيزة- يعد في الوقتِ داته منتوج هده الأنظمة، و هو ،الى حد كبير، يفرز العوائق التي تعرقل دوما التداول السليم و السلمي للأفكار و التعايش المثمر بين اللغات و الثقافات.

إنَّ هذه النظرةَ لاتزال ،للأسف، حاضرةً إلى يومنا هذا في بعضِ الكتاباتِ و التصريحات السياسية التي تحاولُ يائسة ًعرقلةَ عجلةِ التغييرِ و السّيرِ نحوَ الديمقراطيةِ و التَّعايشِ الذكيّ بين البشر. نظرة مبنية على تخيل الواقع و التجاهل الفكري و الوجداني لواقع ملمس يتجسد كل يوم أمام عيونها الرافضة للحياة.

لقد عانينا الكثيرَ كناطقينَ بالأمازيغيةِ من محاولاتِ طمسِ لغتِنا و تهميشِها إلى حدِّ الاندثارِ، اعتقادًا خاطئاً بأنَّ الأحادية اللغويةَ وحدها القادرةُ على بلورةِ شخصيتِنا الوطنيةِ وبناءِ دولةٍ قويةٍ و منسجمةٍ .

إنَّ هذه الحالةَ التي عـِشْناها في ألمٍ وغُبْنٍ أنتجت الإحساسِ الفظيع بالتّشاؤمِ والظّلمِ والتّهميشِ. هدا الإحساس السلبي و الهدام نعملُ اليومَ جاهدين على تجاوزِهِ والحدِّ من سلبياتِه في عالمٍ تعمل بعضُ نُخَبِهِ الفكرية و السياسية على فتحِ عهدٍ يتّسمُ بالتّطاحنِ العِرقيّ و الدّينيّ.

إن الإنسانية تواجه اليوم خطر الإنسان المنغلق و المنكمش على نفسه و الرافض للأخر. رفض للغير يؤدي حتما إلي إرادة إلغائه و تغيبه بوسيلة العنف و التدمير.

إنها مخاطر مستقبلية يجب أخدها مأخذ الجد. و التعددية اللغوية في بلداننا تستلزم تسييرًا ديمقراطيًا نزيها يغنى الجميع و لا يفقر احدًا.

هكذا أصلُ إلى الدَّواعي التي جعلتني أقومُ بالتَّرجمةِ من اللّغةِ العربيةِ إلى اللّغةِ الامازيغيةِ.
فقبلَ التقائي بصديقتي الشاعرة مرام المِصري في الجزائرِ العاصمةِ بمناسبةِ المهرجانِ الدُّوليِّ للشِّعرِ أيَّامَ 04 إلى 08 جوان 2006 تخليدًا لروحِ الشاعرِ الكبيرِ و المجاهدِ جمال عمرانى كانت تسكُنُني فكرةُ ترجمةِ مُختاراتٍ و روائعَ الشّعرِ العربيِّ إلى الأمازيغية.

مازالتْ هذه الفكرةُ تستهويني و قد أَشْرَكْتُ في المدّةِ الأخيرةِ بعضَ الشُّعراءِ المُتَمَكّنينَ من اللغتين لبلورتها في الواقعِ. فزيادة عن كوني روائياً و شاعرًا فأنا أُديرُ دارًا للنشرِ هى تيرا للنشر. و تيرا تعنى بالامازيغية الكتابة .

من الالتقاءِ و التواصلِ بمرام المصري تبلورَ مشروعَ ترجمةِ ديوانِها الشّعري : كرازة حمراءَ على بلاطٍ أبيضَ و الدي تم نشره في مارس 2008.

فبعد قراءاتٍ عديدةٍ للمجموعةِ الشعريةِ قبلَ البدءِ في ترجمتِها، قرّرْتُ أنْ أُبْقِيَ على البنيةِ الشكليةِ للنصوصِ و العملَ على ترجمةِ كلِّ بيتٍ شعريٍ ببيت شعر مقابل. أستطيع القول بأن الترجمة كانت إلى ما ترجمة لفظية. لم أكنْ أريدُ أن تعتو ترجمةَ المعاني على الرسمِ الهيكليِّ للقصائدِ. فالشعرُ الأمازيغيُّ لا يزالُ في أغلبيتِهِ على النمطِ التَّقليديِّ الذي تَطغى عليهِ القافيةُ . فتقديمُ قصائدَ مِنَ الشّعرِ الحُرّ المكتوبِ بلغةٍ شاعريةٍ كاللغةِ العربيةِ بإمكانِهِ دعمَ مجهوداتِ تحريرِ هذا الشعرِ من قيودِ الشّفويّةِ، إدراكًا مِنَّا بأنَّ البناءَ على القافيةِ هو لتسهيلٌ عمليةِ الحفظِ و التذكُّر.

أيضا، إنّ خصوصيةَ شعرِ مرام المصري أنّهُ مجرّدٌ من التضخيماتِ و البلاغةِ الزائدةِ إضافةً إلى كونِهِ يَغُوصُ في ذاتيَةِ الإنسانِ إلى حدّ إرباكِ القارئ ِ. هذا أيضا شجّعني على إنجازِ هذه الترجمة.

أخيرًا، كانت لي وراءَ هذه الترجمةِ ثلاثة أهداف أساسية هي :

— إنَّ اللغة الأمازيغيةَ التي خرجتْ من حالةٍ عصيبةٍ جرَّاءَ التّنكّرَ القانونيِّ و المؤسّساتيِّ هي بحاجةٍ اليومَ إلى التواصلِ و التّبادلِ والاحتكاكِ مع لغاتٍ أُخرى تجعلُها تستعيدُ حيويّـتَها. في هدا الصدد، أعتقدُ أنَّ كلَّ ترجمةٍ هي امتلاك لغة المترجم
إليها لتمكن و قدرات اللغة المترجم منها.

— إنَّ التقاءَ اللغةِ العربيةِ و اللغة الأمازيغيةِ في مجموعةٍ شعريةٍ أو غيرِ ذلك من أنواعِ الأدبِ يُعَدُّ وسيلةً لتقويةِ الثّقافةِ الوطنيةِ وعاملا استراتيجيًا لتعزيزِ الثقافةِ الديمقراطيةِ التي تُمَكِنُنَا من بلوغِ وتكريسِ كلِّ أبعادِ شخصيتِنا من دون تنكر وإقصاء.

— العمل علي تكريس التواصل و الحوار الذي تتحه الترجمة و الدى بدوره يمكننا من غرس ثقافة السلم و للأعنف من أجل التفرغ إلي بناء أسباب لسعادة و العيش الكريم
و شكرا على حسن متابعتكم وكرم إصغائكم.

بغداد، قاعة نزل المنصور، يوم 01 جويلية 2010


عرض مباشر : http://www.facebook.com/note.php?sa...