الصفحة الأساسية > MAGHREB-MACHREQ EN MOUVEMENT > «حمس»: السند "الإسلامي" للنظام الجزائري

«حمس»: السند "الإسلامي" للنظام الجزائري

الجمعة 22 نيسان (أبريل) 2011

«حمس»: السند "الإسلامي" للنظام الجزائري

ياسين تملالي

"الأخبار"، بيروت، 22 أبريل 2011

http://www.al-akhbar.com/node/10605

يتصرّف إسلاميّو حركة مجتمع السلم (حمس) وكأنهم لا يعون أنهم أصبحوا جزءا من النظام الجزائري، يصوّتون على قراراته (في البرلمان) وينفذونها (في الحكومة) ويدافعون عنها (في الشارع) منذ أكثر من 15 سنة. لا يتردد شيخهم، أبو جرة سلطاني، في الحديث عن "التغيير" وكما لو كان سجينَ رأي انتزع لتوِّه حرية الكلام لا رجلا تقلّد منصب "وزير الدولة لدى رئاسة الجمهورية" طيلة خمس سنوات (2004 - 2009) ولم يتخلّ عنه إلا مرغما، بضغط من رفاقه الذين خيّروه بينه وبين زعامة الحزب.

ويُذكِّرنا رئيس حمس وهو يمتدح "التغيير" بزميله في التكتّل الرئاسي، عبد العزيز بلخادم، الأمين العام للحزب الواحد السابق، جبهة التحرير، الذي جعله الخوف من انتشار حريق الغضب الشعبي يشير – ربما لأوّل مرة في حياته - إلى "ضرورة إصلاح النظام". أبو جرة سلطاني إذاً مع "الإصلاح" لكنه لشدة "اعتداله" وبالغ "وسطيّته" لا يرى من ربّان للسفينة سوى الرئيس بوتفليقة (25 مارس 2011). ما الإصلاح في نظره ؟ هو "مراجعة شاملة وعميقة للدستور قبل عرضه على النقاش العام وقبل الاستفتاء، لتجنّب إصلاحات تتمّ بقرارات فوقية " (10 مارس 2011) ما أجمل هذا الكلام لولا أن الدستور عُدِّل في نوفمبر 2008 بشكل "فوقي" بحت، من طرف غرفتي البرلمان، دون أن ينتقد هو ذلك (بالعكس تماما، أبدى حميّة غريبة في مهاجمة منتقدي هذا التعديل البوتفليقي السافر).

ويبدو أنّ رئيس حمس يستغبي الجزائريين حقّ الاستغباء وهو يدعو إلى تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين، وكأنه هو شخصيا أبُ هذه الفكرة العبقرية. كدنا لا نصدق ما نسمعه منه لهول المفاجأة : ألم يدعُ في 2008 إلى التصويت بـ "نعم" على تعديل دستوري على مقاس عبد العزيز بوتفليقة ألغى تحديد ولايات الرئيس الذي فرضه الجيش - يا للمفارقة - في 1996 ؟ ألم يبرر آنذاك الرئاسةَ مدى الحياة بحرية الشعب في التمديد لزعيمه إذا أحبه وارتضاه ؟

وبلغ استغباء أبو جرة سلطاني الجزائريين مبلغا كبيرا عندما تحدث عن واجب مكافحة الفساد والمفسدين. ألم تتحول وزارة الأشغال العمومية في عهد الوزير "الحمسي" عمار غول إلى بقرة حلوب ينهل منها مقاولو الحزب الأتقياء ؟ ألا يقبع أمينها العام، الذي لا يقل عنه "حمسية"، في السجن بتهمة الارتشاء ؟ وإذا كان الفساد إلى هذه الدرجة مستشريا في أوصال الدولة، فلماذا لا يُعقِب الشيخ الجليل بالأفعالِ تهديدَه المتواصل بـ "فضح ملفات الرشوة" ؟ لماذا لم ينسحب الوزراء الإسلاميون من الطاقم الحكومي ؟ ألا يشعرون بأية مسؤولية عن وضع البلاد المزري وهم يأتمرون، منذ 15 سنة، بأوامر رؤساء أفقروا الجزائريين على غناهم وضيّقوا هامش حرية الصحافة وأجهزوا على العمل السياسي المستقل ؟ ألا يَذكر من دأبوا على تذكيرنا بأننا لا نفقه من الإسلام شيئا حديثَ عمر بن الخطاب عن شعوره بالمسؤولية حتى "لو عثرت دابة في العراق"، بعيدا عن عاصمة الخلافة، فماذا عن ملايين تُذبح يوميا على مرأى من الحكومة الجزائرية ومسمع من برلمانها الطيِّع "الوطني" ؟

وعلى طريقة الإخوان الجزائريين العتيقة، ما إن يُذَكَّر إسلاميو الحكومة بمسؤوليتهم عن خيباتها حتى ينبرون مدافعين عن "الثوابت الوطنية"، اللغة العربية والإسلام، وكأنها مهدّدة في بلد سلطتُه لا تتوانى، لمجازاتهم على صدق مهادنتهم، عن تضييق مجال الحريات الفردية وكبت حرية المعتقد. هكذا رأينا أبو جرة سلطاني، على طريقة دون كيشوت، يَشيد طواحينَ وهمية كي يدمّرها بسهولة ويوهمُ الشهب الجزائري بأن هويّته في خطر كي يظهر بمظهر حامي الحمى من العلمانيين. هل همُّ الجزائريين، وهم يحتجُّون أمام الرئاسة والحكومة والبرلمان، هو تحسين ظروف معيشتهم ووقف نهب ثروات بلدهم والدفاع عن حقهم في التظاهر والتجمع والتنظيم والتمثيل السياسي والنقابي الحر، أم همُّهم هو "حماية ثوابت الأمة من الضياع"؟

الأدهى والأمرّ أن حمس لا تزال تزعم أنها ليست من النظام في شيء. علامَ يستند مزعمها هذا ؟ على أساس أنها لا تتحكم في أي جهاز أمني وأنها غير ممثلة في مجلس الجنرالات السري ؟ في هذه الحالة، حتى جبهة التحرير، العريقة في دور الحزب الواحد المتجدد، لم تعد جزءا من النظام منذ زمن طويل لأن قادة الجيش ورؤساء الأجهزة ليسوا أعضاء فيها ولأن دورها، منذ 1998 - كدور حمس وحليفهما في التكتل الرئاسي، التجمع الوطني الديمقراطي - لا يتعدى مباركة سياساته برفع الأيدي - والأرجل أيضا أحيانا.

لا يسعنا ونحن نستذكر آلاء حمس على النظام الجزائري وتواطئها معه في قمعه الجزائريين وصمتها عن نهب ثرواتهم إلا أن نستغرب استمرار الأحزاب العلمانية واليسارية في التنديد بها كـ "تنظيم ديني يسعى إلى الوصول إلى كرسي الحكم" ؟ لا خطر اليوم في الجزائر اسمه "حمس"، بل خطر سلطة ذات رأسين، أحدهما "وطني" مزعوم (جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي) والثاني إسلامي مهادن، عقله المدبر حزبُ أبو جرة سلطاني.

ياسين تملالي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك
  • لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

  • رابط هايبرتكست

    (إذا كانت مشاركتك تشير إلى مقال منشور على النسيج أو صفحة توفر المزيد من المعلومات، الرجاء إدخال اسم هذه الصفحة وعنوانها أدناه).